دعا سماحة شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، خلال اللقاء الاغترابي التكريمي الذي أقيم في دار الطائفة، إلى "التعاملِ بواقعيةٍ وحكمةٍ مع المستجدات والتطورات، لكي نستطيعَ الثباتَ في وجه العواصفِ والتحدّيات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية"، لافتاً إلى أن "المستقبل مجهولٌ بما يُخبِّئ لنا ولكم من تغيُّرات، ومواجهتُه تكونُ أسلمَ وأقوى وأكثرَ فعاليةً إذا ما كنَّا موحَّدين متماسكين".
وشارك في اللقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، النائبين هادي أبو الحسن ومارك ضو، ورئيس المحاكم الدرزية القاضي فيصل ناصر الدين، بالإضافة إلى عدد كبير من الشخصيات والفاعليات والقضاة ورؤساء اللجان وأعضاء المجلس المذهبي، إلى جانب المغتربين المكرّمين ومشايخ وأصدقاء.
من جهته، ألقى رئيس لجنة الاغتراب في المجلس المذهبي الأستاذ جمال الجوهري كلمة، شكر فيها "المغتربين على المشاركة في اللقاء الجامع برعاية سماحة شيخ العقل الداعم أبداً لتعزيز التواصل بين الاغتراب والوطن الأم وجهود لجنة الاغتراب في هذا المجال"، وقدّم للنائب جنبلاط بمشاركة شيخ العقل هدّية تكريمية تسلّمها عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق الأستاذ وليد جنبلاط تقديراً لجهوده الكبيرة في شتّى النواحي باسم اللجنة الاغترابية. كما تسلم المغتربون هدايا مماثلة "للتبرك وإثارة الحنين إلى الوطن" وهي عبارة عن كتاب متقن الإخراج يضم صوراً لمقامات ومزارات وخلوات من مناطق الليل وواد التيم.
بدوره، شكر شيخ العقل أصحاب الدعوة والحضور جميعاً، لافتاً إلى "أنّ مسؤولية الوطن مسؤوليةٌ مشترَكة، نتشارك فيها جميعاً، قيادةً راعية ومجلساً مذهبياً ملتزماً وأصحابَ فكرٍ واختصاصٍ متنورين ورجالَ أعمالٍ مقتدرين وشباباً مندفعين مثقَّفين، سادةً وسيِّداتٍ، مقيمين ومغتربين، كلٌّ في مجاله واختصاصِه وحسبَ طاقتِه". مشيراً إلى أنه "من جهتِنا في مشيخة العقل والمجلس المذهبي فنحنُ نفتخرُ بأننا نرثُ إرثاً طيِّباً من أسلافِنا المؤتَمنين على خدمة الطائفة، ونسعى جهدنا للحفاظ على ما تسلّمناه ولتطوير الدور والعمل بمقاربةِ واقعية ورؤية مستقبلية، حول العديدِ من القضايا، وما أكثرُها، خاصةً في ظلِّ غياب الدولة وضَعفِها، وقلَّة واردات الأوقاف ونقص استثمارِها، وتضاعفِ عدد العائلات المحتاجة للدعم والمعونة، وتفاقمِ الحاجة إلى التوعية والتثقيف الديني وإلى رعاية المجالس الدينية، وتوسُّع الحالة الاغترابية، وبروز الحاجة الماسّة لتمتين العلاقات وتنظيم الصلة معَ الجمعيات الاغترابية، واستقطابِ أجيال المغتربين إليها وإحصائهم بالتعاون معَ معتمدي مشيخة العقل، وسوى ذلك من المواضيع والقضايا التي تتطلبُ عملاً مؤسساتياً رفيعاً وإمكانياتٍ ماديّةً عالية".
كما اعتبر شيخ العقل أنه "أمام هذه المسؤولياتِ الجِسام، نجدُها اليومَ مناسَبةً لمشاركتِكم بعضَ ما نحلُم به ونسعى لتحقيقِه، بالإضافة إلى مهمَّتِنا في السعي الدائم لجمع الشَّمل وتأكيد وحدة الطائفة وخلق الجوّ الإيجابي بين أبنائها، وكذلك للمطالبة بحقوقِها الوطنية، ولتأكيد حضورِها الوطنيِّ وانفتاحِها وموقعِها الجامعِ اللاحم بين مختلَف الطوائف، ولرفع شأنِها في المنتديات والمحافل"، مشيراً إلى أن "بعض تلك الأعمال التي نقوم بها وإخواننا في المجلس المذهبي، وبعضُ تلك الأفكارِ والتطلُّعات المستقبلية تتلخَّصُ في عدة أصعدة، فعلى صعيد المساعدات الاجتماعية والاستشفائية: هناك المساعدات التي نقدِّمُها يوميَّا وهناك برنامج سند للتعاضد الاجتماعي – وتجربة مركز الرعاية الصحية الأولية – والتطلُّعُ لإقامة دورٍ للعناية بالمسنين، وعلى صعيد المساعدات المدرسية والجامعية: لا بدّ من التفكير بدعم برامج المنح التعليمية للمتفوقين والمحتاجين – وتوسيع إمكانيات تأمين السكن الجامعي للطالبات وللطلاب، أما على صعيد الرعاية الاجتماعية: نتطلّع إلى عملٍ مؤسساتيٍّ لتنظيم برامج صون الأُسرة والقيم – والاهتمام ببرامج الإعداد للزواج ومواكبتِه – ورعاية الأطفال المعرَّضين للإساءة والضَّياع نتيجةَ الطلاق أو سوء المعاملة – وحماية حقوق النساء المظلومات - ورعاية المساجين – ومكافحة الآفات المختلفة، وعلى صعيد صيانة الأوقاف واستثمارها: لا بدّ من إنشاء مكتب دراسات وتخطيط – ووضع خطة استراتيجية للاستثمار وإقامة المشاريع المُنتجة – ومن المهمّ التفكير الجدّي بخلق مجموعة استثمارية اقتصادية قوية تعزِّز ثقةَ الشباب بطائفتِهم وجبلهم ووطنهم، وتؤمِّن الاكتفاءَ الذاتي، وتساهم في تحصين المصالحة والعيش الواحد، وعلى صعيد التثقيف الديني والثقافة العامّة: نتطلّع إلى تطوير الكلية الجامعية للدراسات التوحيدية – وتوسيع مساحة نشر مراكز الثقافة التوحيدية في المناطق – وتطوير المناهج والكتب التربوية الدينية – والتنسيق لتفعيل دَور النخب الثقافية لتأكيد الحضور الثقافي الراقي للموحِّدين، أمّا على صعيد الاغتراب: لا بدّ من العمل لدعم الجمعيات الاغترابية – وخلق ترابط وتنسيق بين هذه الجمعيات من جهة، وبينها وبين المجلس المذهبي من جهة أُخرى – وكذلك تعزيز دَور المعتمدين من قبل مشيخة العقل وتفعيله وربطه تنسيقياً مع الجمعيات، وعلى صعيد الشباب: لا بدَّ من السعي لإقامة مشاريعَ إسكانيةٍ لهم تساعدهم على تكوين العائلات – ولا بد من جمع الطاقات الشبابية والاستفادة منها في مشاريعَ زراعيةٍ وصناعية وخدماتية وتكنولوجية مفيدة – وخلق مساحات ممكنة للتفاعل والأنشطة، وعلى صعيد الإحصاء: من المفيد تنظيم سجلات عامة بالعائلات الاغترابية – وخريطة توزُّع المغتربين على بلدان الاغتراب - وسجلات خاصة بالكفاءات والطاقات في طائفتِنا – وكذلك بالجمعيات والمؤسسات المحلية والاغترابية".
وشدد شيخ العقل على أنّ "الجميعُ مَعنيُّونَ بالتضامن لتحقيق ما يُمكنُ تحقيقُه، لكنَّنا مصمِّمونَ من جهتِنا على القيام بالواجبِ ورسمِ خريطة طريقٍ لمستقبَلٍ أفضلَ لأولادِنا، والمساهمة بالتالي في نهضة وطننا"، لافتاً إلى أنه "نحن على ثقةٍ بأنَّ دعمَ القيادة السياسية أساسيٌّ للنهوض والتقدُّم، وتكاملَ الجهود وتضافرَ الإمكانياتِ شرطٌ لا بدَّ منه لتحقيق النجاح، والتخطيطَ الاستراتيجيُّ نقطةُ البداية، والتجرُّدَ من المصالح الشخصية لصالحِ الجماعة باعثٌ مهمٌّ على تعزيز الثقة ورفعِ الشأن العام".
ثم تسلّم سماحة شيخ العقل من رئيس جمعية كهف الفنون الفنان غاندي أبو ذياب لوحة زيتية تقديرية بالمناسبة.